مدخل 2792 – طريق 5746- مجمع 457 – بوقوة- مملكة البحرين
info@sulwanhospital.com
1008 1700
فقدان الشهية العصبي

فقدان الشهية العصبي

يتربص خطر فقدان الشهية العصبي المؤدي الى النحافة المفرطة بكل الأعمار بشكل عام والمراهقين والشباب بشكل خاص، بصورة أعتى من خطر البدانة، فهو من بين الأمراض النفسية الأكثر تسببا للوفاة حيث يصل معدل الوفاة الى 6 % بسبب التدهور الصحي الحاد الناجم عن التجويع الطوعي الشديد، حيث اظهرت الدراسات الحديثة في الولايات المتحدة الامريكية ان نسبة الوفيات بين الاشخاص الذين تقل أوزانهم بمقدار 10- 20 % عن المعدلات الطبيعية هي أعلى من مثيلتها بين البدينين، وتبين أن خطر الوفاة من جراء الاصابة بأمراض القلب والشرايين والانتحار بين مرضى النحافة المفرطة هو بمقدار مرتين ونصف المرة ضعف المعدل الطبيعي في حين يكون بمقدار مرة ونصف لدى البدينين.
وهنالك أمراض خطيرة شتى تصاحب النحافة المفرطة مثل العقم وفقر الدم وهشاشة العظام وانقطاع الطمث والاصابة بالسرطان نتيجة تدهور المناعة والزهايمر وتدهور الوظائف المعرفية.
إن مرض النحافة العصبي هو متلازمة تتميز بثلاثة معايير اساسية:
الأول: التضور الطوعي الكبير من الجوع
والثاني: حملة تنحيف لا هواده فيها مع خوف شديد من السمنة
والثالث: وجود اعراض وعلامات سريرية ناتجة عن المعيار الأول
و يصاحب هذا الداء غالبا اضطرابات أخرى مثل اضطراب تشوه صورة الجسم ونقصد به إعتقاد الشخص بانه بدين بشكل مزعج ومقزز ويستمر بالتجويع الطوعي الذاتي على الرغم من وجود اعراض وعلامات سريرية ناجمة عن سوء التغذية.
ان وجود اضطراب تشوه صورة الجسم واضطراب الوسواس القهري مع اضطراب فقدان الشهية العصبي يسبب تشويشا تشخيصيا ولكن خبرة الاطباء النفسيين تحول دون ذلك، ومثال على الصعوبة التشخيصية قيام عدد لا يستهان به من مرضى إضطراب الانزعاج الجنسي (إضطراب الهوية الجنسية سابقا) (ذوي الميول الذكورية – البويات) الى التجويع الذاتي الشديد والنحافة المفرطة وذلك للتخلص من الشحوم والاستفادة من ظهور الشعر على الجسم وانقطاع الطمث (الدورة الشهرية) وبذلك يوهموا أهلهم بأن لديهم فعلا تغيرات ذكورية داخلية.
وهناك نوعان من فقدان الشهية العصبي
1- التقييدي
2- الافراط في الأكل والتطهير
وفي كلا النوعين يكون التركيز على التنحيف باعتباره المصدر الرئيسي للاعتداد بالنفس بالنسبة لهم ويبقى خفض الوزن الى أدنى المستويات وشكل الجسم النحيف هو الشغل الشاغل لفكر ومزاج وسلوك الشخص المصاب. ففي النوع الاول يتم فقدان الوزن من خلال اتباع نظام غذائي قاس جدا والصيام والافراط في ممارسة الرياضة وتناول حبوب تفقد الشخص الشهية للطعام وتقع جميع عمليات المعدة الجراحية التجميلية بقصد التنحيف تحت هذا النوع.
وحوالي نصف المصابين بفقدان الشهية العصبي هم تقييدين حيث يفقدون اوزانهم بتقليل تناول الطعام الى ادنى حد والنصف الثاني هم من النوع الثاني حيث يتناولون بشكل منتظم أكلات متنوعة يتبعونها بسلوك تطهيري مثل التقيئ الذاتي أواستخدام المسهلات ومدررات البول والحقن الشرجية وتقع العمليات الجراحية لشفط الدهون وتصغير اجزاء الجسم تحت هذا النوع .
الانتشار:
ينتشر داء فقدان الشهية العصبي بين الأناث أكثر بكثير عن انتشاره بين الذكور وعادة يبدأ في سن المراهقة.
ولوحظ خلال العقود الأخيرة الماضية أن هنالك تسجيلا متزايدا لداء فقدان الشهية العصبي بين الإناث والذكور قبل سن البلوغ، وأن اكثر الاعمار شيوعا للاصابة بهذا الداء هي سن المراهقة المتوسطة (14- 18) سنة و وجد بانه يحدث بنسبة 0.5 – 1 % بين المراهقات وبمقدار 10- 20 مرة بين الاناث مقارنة بالذكور، ويظهر المرض لدى حوالي 5 % من مرضى فقدان الشهية العصبي في أوائل العشرينات.أما نسبة انتشار المرض بين الإناث اليافعات ممن لديهن بعض اعراض فقدان الشهية العصبي، واللائي لا يواجهن معايير التشخيص كاملة هي اقل من 5 %.
وتصاحب داء فقدان الشهية العصبي عدة اضطرابات نفسية نذكرها حسب الأولوية والاهمية وهي الاكتئاب المتكرر والهوس وتحت الهوس واضطراب تشوه صورة الجسم واضطراب الانزعاج الجنسي والهلع والرهاب والوسواس وتعاطي الكحول والمخدرات.
التشخيص
لابد من توافر ثلاثة معايير أساسية للتشخيص هي :
1- تقييد الحصول على الطاقة الغذائية التي يحتاجها الفرد مما يؤدي الى انخفاض كبير في الوزن قياسا للعمر والجنس وتدهور في مسار النمو والصحة البدنية (انخفاض الوزن الكبير : يعني أن يكون اقل من الاعتيادي المقبول)
2- وجود خوف شديد من زيادة الوزن أو من ان يصبح الفرد بدينا أو وجود سلوك ثابت يتقاطع مع زيادة الوزن حتى لو كان هناك انخفاضا كبيرا في الوزن.
3- تشوش النظرة المعتادة لوزن الجسم أو شكله، مع تأثير وزن الجسم وشكله المفرط على تقييم الذات أو عدم القدرة المستمر على تمييز خطورة الانخفاض الكبير الحاصل في وزن الجسم.
الاعراض والعلامات
في البدء لابد من الاشارة الى أن هنالك أربع مستويات لداء فقدان الشهية العصبي وهي : البسيط، والمتوسط، والشديد، والشديد جدا ويكون فيها مؤشر كتلة الجسم على التوالي: (يساوي او اقل من 17 و 16- 16.99 و 15- 15.99و اقل من 15) كغم / م2
ومن أهم أعراض وعلامات داء فقدان الشهية العصبي ضمور عضلات الجسم بشكل عام وفقدان الشحوم وتباطئ ضربات القلب وهبوط ضغط الدم وضمور الدماغ وحصول نوبات من الصرع وتورم الاطراف وعدم القدرة على مزاولة النشاطات الرياضية وفقر الدم الحاد والامساك وهبوط السكر وارتفاع انزيمات الكبد وارتفاع الكولسترول وانخفاض الهورمونات الانثوية والذكرية وانخفاض التستستيرون والاستروجين وانخفاض الثايروكسين وارتفاع الكورتيزول وارتفاع هورمونات النمو والبرولاكتين وتوقف الطمث أو تدهوره وظهور الزغب على مناطق الجسم وهو أشبه بشعر الوليد وتغيرات مرضية في تخطيط القلب نتيجة انخفاض فيتامين ك و قد يؤدي ذلك الى الوفاة .
مآل المرض
يتنوع بشكل كبير أما يحصل شفاءا ذاتيا بلا علاج أو شفاء بعد استخدام مختلف العلاجات أو التذبذب نتيجة لزيادة الوزن وتلحق بانتكاسات وتدهور بطيء في الحالة الصحية ينجم عنه الوفاة نتيجة مضاعفات سوء التغذية، وقد وجدت إحدى الدراسات بأن النوع التقييدي يبدو أقل احتمالا للشفاء من نوع الاكل والتطهير.
ومن المؤشرات الجيدة لمآل المرض نذكر التشخيص والعلاج المبكر وعلاج الاعراض والعلامات المصاحبة، و توفير الجو العائلي الصحي، ودقة التشخيص التفريقي للأمراض النفسية المختلفة ومنها الوسواس والاكتئاب واضطراب تشوه صورة الجسم واضطراب الانزعاج الجنسي وغيرها وعلاج الأمراض المصاحبة منها لداء فقدان الشهية العصي.
وقد وجدت الدراسات بأن حوالي ربع المرضى في امريكا تحسنوا بشكل واضح وهم يمارسون حياتهم بشكل جيد و يتضمن الربع الاخر من يعانون من انتكاسة متكررة نتيجة لحالتهم المزمنة إضافة الى 7 % وفيات، وأوضحت الدراسات السويدية والبريطانية بان نسبة الوفيات قد تصل ل 18 %.
العلاج
في خضم هذا المشهد النفسي والسريري المعقد لداء فقدان الشهية العصبي لابد أن تتضمن الخطة العلاجية الشاملة الايداع في المستشفى في الحالات الشديدة والشديدة جدا بغية علاج كل المضاعفات الجسدية للمرض مثل معالجة الجفاف الشديد وسوء التغذية وتوازن الاملاح ولذلك يعتمد الايداع على حالة المرضى الذين وزنهم اقل بنسبة 20 % عن المعدل الطبيعي.
وكلما قل الوزن زادت فترة بقاء المريض في المستشفى مع ضرورة تقديم العلاج النفسي الفردي والعائلي والسلوكي والمعرفي والعلاج بالعقاقير مثل مضادات الهستامين ومضادات الاكتئاب ومضادات الذهان.
ولذلك يجب رصد مثل هذه الحالات من قبل الأهل والتربويين واثناء الفحوصات الصحية الدورية بشكل مبكر وفي مستوياتها الاولى لكي يسهل علاجها في العيادات النفسية بالعقاقير والعلاج النفسي دون الحاجة الى الايداع في المستشفى.

د. عبداللطيف الحمادة – استشاري الطب النفسي

Add Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Open chat