مدخل 2792 – طريق 5746- مجمع 457 – بوقوة- مملكة البحرين
info@sulwanhospital.com
1008 1700
أغلق أذنيك

أغلق أذنيك

يُحكى أنه كان هناك مجموعة ضفادع صغيرة قررت القيام بمسابقة للجري، والتحدي كان الوصول إلى “أعلى قمة برج”. تجمعت حشود من الضفادع لمشاهدة السباق وللتشجيع أيضاً، وحين بدأ السباق لم يصدق الحضور أن أحداً من هذه الضفادع الصغيرة ستستطيع أن تحقق التحدي وأن تصل إلى قمة البرج. وكان كل ما تسمعه من الحشود هو: “مستحيل. مستحيل. مستحيل” أو “لا يمكن أن يصل أي ضفدع إلى قمة البرج لأن البرج عالي جداَ”، وبدأت الضفادع تسقط من الإعياء واحداً تلو الأخر ما عدا تلك الضفادع المتحمسة والمليئة بالنشاط، عندها بدأت الحشود تصرخ: “إنه صعب جداً، لن يستطيع أحد أن يصل!!”. واستمر سقوط المزيد من الضفادع، ضفدعاً بعد ضفدع ما عدا ضفدع واحد واصل الصعود إلى القمة أعلى وأعلى وأعلى ولم يتخلى عن إصراره أبداً وفي النهاية سقطت كل الضفادع إلا صديقنا الضفدع الصغير الذي نجح ووصل إلى قمة البرج العالي وحصل على جائزته. وبالتالي أرادت كل الضفادع التعرف على هذا الضفدع، ومعرفة كيف استطاع أن يصل إلى النهاية؟ والجميع تساءل: من أين أتى هذا الضفدع الصغير بالقوة للوصول إلى أعلى البرج؟ عندها اكتشفوا أن الضفدع الفائز كان أصماً!!
يشتكي العديد من مراجعي مراكز العلاج النفسي كثرة التعليقات السلبية التي تصلهم من المحيطين بهم، حيث يتردد على مسامعهم كلمات مثل: “لا فائدة منك”، “لقد حاولنا معك كثيراً ولم تتغير”، “لن تحصل على نتيجة من ذلك”، وغيرها الكثير مما يسبب حالة من الإحباط وقلة الدافعية لدى المراجعين للاستمرار في العلاج، لاسيما إن كانت تلك التعليقات من أحد أفراد العائلة المقربين كالزوج أو الأم أو الصديق..الخ.
إن أحد أهم عوامل نجاح أي برنامج علاج نفسي يتمثل في مستوى الدعم المعنوي الذي يحصل عليه المراجعين خارج غرفة العلاج، ويتمثل ذلك الدعم في حسن الإصغاء وتشجيع المحاولات وإثارة روح الاستمرارية ومد يد العون للنهوض من جديد، ولا يمكن لهذا العامل أن يتحقق في ظل علو أصوات التخويف والترهيب التي قد يظن البعض أنها تساعد على بذل مزيد من الجهد للتحدي في حين أن الحقيقة هي العكس من ذلك تماماً، فالأفراد المضطربين لديهم ما يكفي من فقدان الطاقة وانخفاض الدافعية التي تعمل العبارات السلبية على تعزيزها وزيادة شعورهم بالاستسلام واللاجدوى.
يأتي الأفراد إلى العلاج وهم محملون بآمال ورغبات في الوصول إلى مفتاح الإنارة الذي يزيح عتمة ظلام أفكارهم ومشاعرهم السلبية، فيكونون بمثابة المتسابقين الذي يتنافسون مع ذواتهم للوصول إلى قمة برج الاتزان والهدوء النفسي، إلا أن أصوات المحيطين بهم قد تؤثر سلباً على حماستهم ورغبتهم في نجاح تلك التجربة، لأنهم أصاخوا السمع لها وأسكتوا نداءً داخلياً بهم يخبرهم أنهم بدؤوا الخطوة الأولى واختاروا التغيير وأرادوا الحصول على الجائزة.
في رحلتك نحو تحقيق أهدافك العلاجية، أغلق مسامع قلبك عن أي رأيٍ أو صوت يدفعك للوراء، وافتح وعيك وإدراكك لكل ما يأخذ بيدك للأمام، فأنت حين خطوت الخطوة الأولى لم تكن نيتك إلا الوصول لخط النهاية بأكبر قدرٍ من التحدي والإنجاز، ولا تهم المدة التي قضيتها في السباق بل الأهم مقدار ما أعطيت وحاولت وصولاً للنجاح.

خديجة العويناتي – أخصائية العلاج النفسي
مركز سلوان للطب النفسي

Add Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Open chat