مدخل 2792 – طريق 5746- مجمع 457 – بوقوة- مملكة البحرين
info@sulwanhospital.com
1008 1700
انتبه للإشارات

انتبه للإشارات

“أنا مشغول”، “ليس لدي الوقت الكافي”، “أنجز الأشياء بسرعة حتى يسعفني الوقت لإتمامها كلها”، “أنا بحاجة لأن يكون اليوم 48 ساعة!!”….إلخ. في ظلَ سرعة مرور الزمن ووسط كمية الانشغالات التي تحيط بالجميع كباراً وصغاراً كم مرةً يتردد على مسامعنا مثل هذه الشكاوى يومياً؟!!
لا يختلف اثنان على أننا نعيش عالماً متطلباً يحتاج فيه الفرد للعمل مطولاً وبجهد أكبر إن أراد أن يلبي احتياجاته وينجز طموحاته، فالإنسان في سعيٍ دائم للوصول إلى مستوى أعلى مما هو فيه مادياً ومعنوياً، الأمر الذي يجعلنا نفرض قوانين وشروط حتمية نلزم بها أنفسنا والأفراد المحيطين بنا أو المسؤولين عنهم أياً كان دورنا الذي نقوم به دون أن نولي اهتماماً للاحتياجات النفسية والعلامات التي قد تشير إلى وجود مشكلة خارج نطاق مهام وإنجازات العمل اليومي.
كثيراً ما ينصب تركيز الوالدين على استيقاظ الأبناء مبكراً في الصباح وتجهيزهم للذهاب للمدرسة وعودتهم منها وإنجاز واجباتهم ومن ثم النوم باكراً، بينما يكون الوالدان أصلاً مشغولان في عملهما ويريدان عند الانتهاء منه أن ينجزا كافة الأمور المتراكمة سواءً المتعلقة باحتياجات المنزل أو احتياجات الأبناء من مأكل وملبس ودراسة. والمعلمة في المدرسة يكون جلَّ اهتمامها ضبط الفصل الدراسي، والتزام الطلاب بتعليماتها، وقدرتها على إنهاء الدرس وإتمام التلاميذ للأنشطة والتمارين. والمدير في الشركة يهدف إلى حضور الموظفين للعمل وانصرافهم في الوقت المحدد، وتأدية مهامهم دون تعطيل أو تأخير..وهكذا.
في خضّم هذه الانشغالات وضمن هذه الأهداف، كم مرةً توقفنا للانتباه على التغيرات الطفيفة التي تظهر على وجوه بعضنا البعض؟ ما هو الوقت الذي خصصناه لملاحظة ارتباك المشاعر وتقلّب المزاج؟ ما هي الأهمية التي أوليناها لأسباب التغيرات الجسدية دون وجود مرض فعلي يستدعي حدوثها؟ هل لاحظنا اختلاف السلوك رويداً رويدا من النقيض إلى النقيض؟ وإلى أي حد فكرنا يوماً في التوقف وسؤال زميلنا في العمل عن سبب انعدام شهيته مؤخراً؟ أو مراقبة قلة النوم لدى ابنتي المراهقة؟ أو توقف أخي فجأةً عن ممارسة هواية الرسم التي يحبها؟ أو كثرة استئذان طالبي في الفصل لغسل يديه؟ أو تسارع دقات قلب صديقتي وشعورها بضيق التنفس كلما خرجنا للتسوق؟ أو كثرة الاقتباسات حول الرغبة في الموت التي تنشرها ابنة عمي على وسائل التواصل الاجتماعي؟ وغيرها الكثير..
لا يستيقظ الإنسان منا فجأةً ليرى نفسه مصاباً بأحد المشكلات النفسية، ولا شيء يُولد من فراغ، فهناك غالباً جذور لتلك المشكلات تشكّلت وحاولت أن تُعلن عن نفسها بخجل من خلال إشارات بسيطة تُظهرها للآخرين: كالشعور الغالب بالملل، أو تشوش التفكير، أو تقلب الحالة المزاجية، أو العزلة، أو التعب وفقدان الطاقة، أو صعوبة في فهم المواقف والأفراد أو التعامل معهم، أو الغضب الشديد والعنف..والعديد من الإشارات الأخرى التي يكفي الالتفات لظهور واحدة منها أو أكثر على أحد المحيطين بنا وسؤاله: هل أنت بخير؟ أظنك بحاجة للمساعدة!!
كثيرٌ من أهلنا، وأبنائنا، وطلابنا، وأصحابنا، تنقصهم الشجاعة الكافية للتعبير عن أنفسهم بالكلمات، إلا أنهم يلجؤون لحيلٍ أخرى يسعون من خلالها للفت أنظارنا إليهم ومد يد العون واصطحابهم للمختصين، فهلاّ أولينا جزءاً من وقتنا اليومي للانتباه لتلك الإشارات الناطقة بدلاً عنهم؟؟!

خديجة العويناتي أخصائية العلاج النفسي

Add Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Open chat