د. الحمادة لـ “الوطن”: اضطرابات القلق والاكتئاب والإدمان أكثر الأمراض النفسية انتشاراً في البحرين
* اضطراب الانزعاج من الهوية الجنسية بسبب العامل الوراثي أو البيولوجي أو البيئي
* اضطرابات التكيف تتصف باستجابة عاطفية مبالغ فيها لحادث ضاغط بسيط أو متوسط الشدة
* البارانويا مرض إذا استمر “وهم الاضطهاد” لأكثر من شهر
* الطب النفسي السبيل الوحيد لعلاج الحالات النفسية بشكل علمي وفعّال
أجرى الحوار – وليد صبري
كشف استشاري الطب النفسي في مركز سُلوان للطب النفسي د. عبداللطيف الحمادة عن أن “اضطرابات القلق واضطراب الاكتئاب واضطرابات الإدمان والاضطرابات الذهانية تعد أكثر الأمراض النفسية انتشاراً في دول الخليج العربي وبينها مملكة البحرين”، مشيراً إلى أن “الشخصية تتبلور منذ الصغر لذلك يعتمد علاج اضطرابات الشخصية بشكل عام على محاولات تعديل الفكر والمشاعر والسلوك بنسبة قد تتراوح بين 30-50% حسب نوع الاضطراب”.
وأضاف د. الحمادة في حوار لـ “الوطن” أن “اضطرابات التكيف تتصف باستجابة عاطفية مبالغ فيها لحادث ضاغط بسيط أو متوسط الشدة وعادة ما يكون حادث ضاغط يتعلق بالأمور المالية أو الصحية أو العلاقات العاطفية أو الزواجية أو الاجتماعية أو الوظيفية أو القانونية وغيرها”.
وقال إن “الأشخاص المعرضون لخطر الإصابة بالقلق والوسواس القهري، هم من لديهم استعداد وراثي أو عائلي أو بيولوجي أو تركيبي، كالذي تعرض لإصابات في الرأس أثرت على الدماغ أومن لديه بعض الأمراض العضوية”.
اضطراب الاكتئاب والإدمان
وفي رد على سؤال حول أكثر الأمراض النفسية انتشاراً في البحرين ودول الخليج العربي، أفاد د. الحمادة بأنه “لا توجد إحصائيات دقيقة بهذا الشأن بسبب التوجس المجتمعي الشديد في بلداننا الخليجية والعربية تجاه الأمراض النفسية والطب النفسي وما تثيره حولهما الفئات المنتفعة من لغط كبير”، مضيفاً “لكن من خلال اطلاعي على مجمل ما هو منشور من دراسات وأبحاث متفرقة ونشرات من جهات رسمية هنا وهناك يبدو أن أكثر الأمراض النفسية انتشاراً في دول الخليج العربي ومنها مملكة البحرين هي اضطرابات القلق واضطراب الاكتئاب واضطرابات الإدمان والاضطرابات الذهانية”.
وفيما يتعلق بأعراض اضطرابات الشخصية، أوضح د. الحمادة بأن “اضطرابات الشخصية متعددة ولكل منها عدة صفات تشخيصية، فهنالك الشخصية الفصامية والشخصية شبه الفصامية والشخصية الاضطهادية والعدوانية والحدية والهستيرية والنرجسية والوسواسية والتجنبية والاعتمادية، وهنالك أيضاً بعض الشخصيات التي لم تحدد في التصنيف الأمريكي للاضطرابات النفسية مثل الشخصية السادية والماسوشية والسادوماسوشية والكئيبة والعدوانية السلبية”، موضحاً أنه “على سبيل المثال من صفات الشخصية العدوانية أو ما تسمى شخصية ضد المجتمع أو السايكوباثية هي الميل لكسر القوانين وعدم احترامها وتعنيف العادات والتقاليد المجتمعية بإصرار و بشكل متكرر، مع عدم الشعور بالذنب أو الندم تجاه أي ضرر أو أذى قد تلحقه تلك الشخصية بالآخرين أو الممتلكات الخاصة او العامة وغيرها”.
وبشأن الشفاء من ذلك المرض النفسي، قال د. الحمادة إن “الشخصية تتبلور منذ الصغر لذلك يعتمد علاج اضطرابات الشخصية بشكل عام على محاولات تعديل الفكر والمشاعر والسلوك بنسبة قد تتراوح بين 30-50% حسب نوع الاضطراب وذلك من خلال استخدام الجلسات النفسية العلاجية المختلفة على المدى الطويل والتي قد تمتد لسنوات معززة باستخدام العقاقير الطبية كمضادات الاكتئاب والذهان ومثبتات المزاح ومضادات القلق حسب نوع الحالة”.
وتطرق د. الحمادة للشفاء من تلك الأمراض، موضحاً أن “الشفاء من جميع الأمراض العضوية والنفسية هي من الله سبحانه وتعالى، أما الطب النفسي فهو السبيل الوحيد لعلاج تلك الحالات بشكل علمي وفعّال بغية الوصول بالمرضى إلى بر الأمان”.
واعتبر خطوات العلاج من تلك الحالات بأنها “تعتمد على التشخيص الدقيق أولاً وعلى تقييم شدة الإعراض، ثانياً، ففي الحالات البسيطة يكون العلاج عادة باستخدام الجلسات النفسية العلاجية كالتحليل النفسي الديناميكي المختصر والجلسات المعرفية السلوكية، أما الحالات المتوسطة والشديدة فيكون العلاج بالعقاقير جنباً إلى جنب مع الجلسات النفسية العلاجية”.
اضطراب الهوية الجنسية
وفي رد على سؤال حول مرض اضطراب الانزعاج من الهوية الجنسية، قال د. الحمادة إنه “باختصار عدم الانسجام بين الجنس “الجندر” الذي يبدو عليه المريض ذكر كان أو أنثى وجنسه الفعلي، ويحصل هذا الاضطراب إما بسبب العامل الوراثي أو البيولوجي أو البيئي أي بسبب الطريقة التي عومل بها الشخص منذ ولادته”.
وفيما يتعلق بطرق العلاج، أوضح أنه “لابد من استخدام أحد أنواع العلاج المعرفي كالعلاج النفسي الاستبصاري طويل الأمد لإعادة البناء الفكري من خلال استهداف العقلنة المستخدمة من قبل المريض لدعم أفكاره المرضية، وكذلك العلاج النفسي السلوكي والعلاج النفسي الداعم إضافة إلى استخدام العقاقير الطبية لعلاج الاضطرابات النفسية المصاحبة كالقلق والوسواس والاكتئاب وغيرها”.
اضطراب التكيف
وتطرق د. الحمادة للحديث عن اضطرابات التكيف، موضحاً أنها “اضطرابات تتصف باستجابة عاطفية مبالغ فيها لحادث ضاغط بسيط أو متوسط الشدة وعادة ما يكون حادث ضاغط يتعلق بالأمور المالية أو الصحية أو العلاقات العاطفية أو الزوجية أو الاجتماعية أو الوظيفية أو القانونية وغيرها، والأعراض عادة أما قلق أو اكتئاب أو الاثنين معاً مع اضطراب التواصل أو اضطراب المشاعر والتي يجب أن تبدأ خلال 3 شهور من وقوع الحادث”.
وذكر أن “هنالك عدة أنواع من تلك الاضطرابات مثلاً الاكتئاب أو القلق أو الاثنان معاً وقد يصحبهما خلل في التواصل واضطراب في العواطف وبمجرد زوال الحادث الضاغط أو عواقبه تختفي تلك الأعراض في أقل من 6 شهور”.
وبحسب د. الحمادة، “لعلاج تلك الاضطرابات لابد من استخدام الجلسات المعرفية والسلوكية والعلاج النفسي الداعم والتحليل النفسي والتطمين ومحاولة تصحيح الظروف العائلية والاجتماعية والوظيفية المحيطة بالمريض وحتى الدخول إلى المستشفى في بعض الأحيان إن تطلبت الحالة”.
ورأى أنه “يتوجب على الطبيب النفسي قبل البدء بها الانتباه إلى غاية المريض من وراء العلاج، فانتحال صفة المريض وتأكيدها من قبل الطبيب النفسي تعد مكافأة للأشخاص الذين قد تكون لديهم مشاكل مع القانون أو الجهات الرسمية المختلفة أو مشاكل دراسية أو عائلية وغيرها لذلك يجب أن يتحملوا نتائج أفعالهم”.
وفي رد على سؤال حول تفسير الإصابة بالاضطرابات الذهانية كالفصام، أوضح د. الحمادة أنه “ليست هنالك أسباب واضحة للإصابة بالأمراض الذهانية، لكن هنالك عوامل مؤهلة كالعامل الوراثي والبيولوجي نتيجة تغييرات تركيبية وكيمائية في الدماغ قد تكون ناجمة عن أمراض باطنية أو إصابات الرأس أوالإدمان وغيرها أما العامل البيئي وضغوط الحياة فهي عوامل مرسبة فقط لتلك الحالات لا مسببة، ويعتمد علاجها على علاج العامل المؤهل إن وجد إضافة إلى ضرورة استخدام العلاج بالعقاقير والعلاج بالجلسات النفسية العلاجية”.
القلق والوسواس القهري
وبشأن الأشخاص المعرضون لخطر الإصابة بالقلق والوسواس القهري، أوضح د. الحمادة أنهم هم “من لديهم استعداد وراثي أو عائلي و بيولوجي، أو من تعرض لإصابات في الرأس أثرت على الدماغ ومن لديه بعض الأمراض العضوية، أما الضغوط النفسية والصدمات على اختلافها فهي تعتبر عاملاً مرسباً في مثل تلك الحالات لا مسبباً باستثناء اضطرابات الكرب واضطرابات التكيف التي يكون القلق جزءاً منها”.
وشرح الفارق بين الوسواس القهري والهوس، موضحاً أن “الأول يتميز بوجود الأفكار أو الاضطرارات “الالحاحات” أو الصور الاقتحامية غير المرغوب بها من قبل المريض المتكررة والمستمرة والطقوس والاستحواذ التي تؤدي إلى الأفعال القسرية وتسبب ضغطاً نفسياً يتراوح من بسيط إلى شديد جداً للمريض وقد تؤثر على أحد أو جميع جوانبه الحياتية “محتواها الخوف أو التدقيق أو النظافة أو الكمال أو التفكير الخيالي وغيرها”.
وقال إن “الهوس هو أحد الاضطرابات الوجدانية الرئيسة والتي تتسم صفاته بمزاج عالٍ وغير طبيعي أو اهتياجي مع طاقة عالية ومستمرة لمزاولة أنشطة مختلفة ذات أهداف واضحة في أغلب الأحيان لا تكتمل، على أن تستمر تلك الأعراض على الأقل لمدة أسبوع واحد، مع ضرورة توافر على الأقل ثلاثة أو أكثر من الأعراض التالية كالشعور بالعظمة وقلة الحاجة إلى النوم والثرثرة وتطاير الأفكار وعدم ترابطها وسرعة تشتت الانتباه لأتفه الأسباب ونشاط مفرط وغير طبيعي وغير مكتمل للمشاركة في النشاطات ذات الأهداف الواضحة سواء كانت اجتماعية أو وظيفية أو جنسية وغيرها مع تدهور بجانب من جوانب الحياة أو جميعها، ويكون علاج تلك الحالات عادة باستخدام العقاقير والجلسات النفسية العلاجية أو الدخول إلى المستشفى”.
وهم الاضطهاد “البارانويا”
وفي رد على سؤال حول طبيعة مرض البارانويا، قال إن “البارانويا يكون مرضاً إذا كان وهم الاضطهاد لأكثر من شهر، أما بشكل عام فهو عرض وليس مرضاً من أعراض الأمراض الذهانية وهو “وهم الاضطهاد”، ومحتواه الاعتقاد الخاطىء والراسخ لدى المريض بأنه مضطهد من قبل الآخرين بينما لا يقوم ذلك على أساس من الصحة وغالباً يبدو لمن يصغي إلى المريض من غير المختصين بأنه منطقياً بينما يكون هذا الاعتقاد لأسباب مرضية لأن المريض يسيء فهم أي كلمة أو إشارة أو تصرف من قبل الآخرين ويبني عليه وهم الاضطهاد أو الارتياب وقد يصاحب وهم الاضطهاد وهم آخر هو “وهم العظمه”، إذ يعتقد المريض بما لا يقبل الشك بأنه ذو قدرات خاصة وكفاءة متفردة وصاحب حق وقد تم اضطهاده من قبل الآخرين لتلك الأسباب وهذا يسمى “مركب الاضطهاد” ونرى هذا الوهم بالاضطرابات الذهانية كالفصام، وعلاجه هو نفس علاج الاضطرابات الذهانية كالفصام.
وأوضح د. الحمادة أن “هنالك من يرى أن الفصام مس والاكتئاب نقص في المهارات الحياتية وحاجة للبرمجة اللغوية والعصبية والطاقة، والقلق جهل بالاسترخاء واليوغا والتأمل والريكي، والوسواس ضعف في الإيمان وغيرها من أساليب التطفل الصريح على الطب النفسي والتي للأسف تتناغم مع آراء الذين لا يعترفون بالطب النفسي ويعتبرون أن المرض النفسي وصمة اجتماعية ويخجلون من مراجعة الطبيب النفسي، ولا يتكلمون عن أمراضهم النفسية حتى وإن تأثرت جميع جوانب حياتهم الوظيفية والعاطفية والزواجية وغيرها، وهكذا تتحول تلك الحالات للأسف الشديد إلى أمراض نفسية مزمنة يتعذر شفاؤها فيعاني من آثارها الصعبة المريض مدى الحياة”.
مراجعة الطبيب النفسي
ومن هذا المنطلق، شدد د. الحمادة على أنه “لابد لجميع المؤسسات الرسمية وشبه الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني إذا ما أرادت أن تزيد كمية الإنتاج وتحسن نوعيته وأن تساهم بشكل فعلي وجاد في بناء وتقدم وتماسك مجتمعنا الحبيب أقول لابد لها أن تشجع منتسبيها وتدعمهم بشتى الطرق لمراجعة الأطباء النفسيين دون خوف أو وجل لغرض علاج الحالات النفسية التي يعانون منها على اختلافها والتي يتحفظ عليها الموظفون كثيراً خوفاً من العواقب الوخيمة كالوصمة أو الاستغناء عن الخدمات”.